رحلة مع أحوال النبي صلى الله عليه وسلم
النبي صلى الله عليه وسلم بشر تميز بتلقي الوحي من الله (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ)،
فهو بطبيعته البشرية تعتريه العوارض البشرية كالخطأ والنسيان والمرض والنوم، ولكنه يضبط
كل هذا بنور الوحي الإلهي حتى أنه له سنن معروفة في أكله، وشربه، ونومه، وسائر أحواله.
فكان صلى الله عليه وسلم يغضب لله تعالى: قالت عائشة رضي الله عنها: (وَمَا انْتَقَمَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِنَفْسِهِ, إِلَّا أَنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ اللَّهِ فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ بِهَا) رواه البخاري.
وكان صلى الله عليه وسلم يغضب لاختلافهم في القرآن: لأن ذلك يؤدي إلى افتراق الأئمة، بل
تقاتلها، فقال عليه الصلاة وسلام: (مَهْلًا يَا قَوْمِ، بِهَذَا أُهْلِكَتِ الْأُمَمُ مِنْ قَبْلِكُمْ، بِاخْتِلَافِهِمْ عَلَى
أَنْبِيَائِهِمْ، وَضَرْبِهِمْ الْكُتُبَ بَعْضَهَا بِبَعْضٍ، إِنَّ الْقُرْآنَ لَمْ يَنْزِلْ يُكَذِّبُ بَعْضُهُ بَعْضًا، بَلْ يُصَدِّقُ
بَعْضُهُ بَعْضًا، فَمَا عَرَفْتُمْ مِنْهُ فَاعْمَلُوا بِهِ، وَمَا جَهِلْتُمْ مِنْهُ فَرُدُّوهُ إِلَى عَالِمِهِ) رواه أحمد وحسنه الألباني.
وكان يقابل جفاء الأعراب بالحلم والتبسم: فحينما جذبه أعرابي من ردائه، وقال له: يَا مُحَمَّدُ،
مُرْ لِي مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي عِنْدَكَ.
فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ، فَضَحِكَ ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ) متفق عليه.
وربما أخطأ في أمور دنيوية لا تتعلق بالبلاغ عن الله تعالى: فعندما رآهم يؤبرون النخل أي:
يلقحونه أخبرهم عن ظنه قائلا: (لَوْ لَمْ تَفْعَلُوا لَصَلُحَ)، فتركوه ففسد البلح، فقال عليه الصلاة
والسلام: (إِنْ كَانَ يَنْفَعُهُمْ ذَلِكَ؛ فَلْيَصْنَعُوهُ، فَإِنِّي إِنَّمَا ظَنَنْتُ ظَنًّا، فَلَا تُؤَاخِذُونِي بِالظَّنِّ، وَلَكِنْ إِذَا
حَدَّثْتُكُمْ عَنِ اللَّهِ شَيْئًا فَخُذُوا بِهِ؛ فَإِنِّي لَنْ أَكْذِبَ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ) رواه مسلم.
وقد أعطانا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ درسا عظيما جامعا من هذه الحادثة فقال: (أَنْتُمْ أَعْلَمُ بِأَمْرِ
دُنْيَاكُمْ). رواه مسلم.
قال النووي: "قَالَ الْعُلَمَاء: وَلَمْ يَكُنْ هَذَا الْقَوْل خَبَرًا، وَإِنَّمَا كَانَ ظَنًّا كَمَا بَيَّنَهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَات.
قَالُوا: وَرَايه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أُمُور الْمَعَايِش وَظَنّه كَغَيْرِهِ، فَلَا يُمْتَنَعُ وُقُوعُ مِثْل هَذَا، وَلَا
نَقْص فِي ذَلِكَ" شرح النووي على صحيح مسلم.
كود خصم 15% خاص لزوار المدونة ((ZADB01 ))
رابط كتاب كيف أحوال المصطفى : https://zad-books.com/ar/wANVEK